وقيل: معنى الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} {إِلَّا قَلِيلًا}، فالمذكورُ في آخرِ الآية مُلحَق بهذا الموضع معنًى، وقوله تعالى: {أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} أي: نشروا به؛ أي: نشروا (١) كلَّه؛ يعني: إذا كان الخبرُ سارًّا للمؤمنين، ذكروا بعضَهُ نفيًا للتُّهَمةِ، ولم يبيِّنوا تمامَه؛ كراهةَ الخيرِ لأهلِ الإيمان والمعرفة، وإذا كان الخبرُ محزنًا (٢)، نشروا كلَّه؛ تحزينًا للمؤمنين بالشِّدَّة والنكبة (٣)؛ وهو كقوله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} آل عمران: ١٢٠.
وقوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أيُّها المخلِصون.
وقوله تعالى: {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: في إذاعة الخبر.
وقيل: هو على العموم، وهو متابعةُ الشَّيطان في الكفر والمعاصي.
وقوله تعالى: {إِلَّا قَلِيلًا} قيل: هو متَّصلٌ بقوله عزَّ وجلَّ: {أَذَاعُوا بِهِ}؛ أي: أفشوه إلَّا قليلًا منهم.
وقيل: هو متَّصلٌ بقوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} {إِلَّا قَلِيلًا} (٤).
وقيل: هو مقرَّرٌ في موضعه {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}، وهذا مشكلٌ لو حُمِلَ على مطلقِ الفضلِ والرَّحمةِ؛ لأنَّه يصيرُ تقديرُه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} لا يتِّبعونَه بدون فضلِ اللَّه ورحمتِه. وهذا لا يستقيم؛ لأنَّه لا عصمةَ إلَّا باللَّه، لكن تأويلُه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ} بإرسال محمَّدٍ
(١) قوله: "به أي نشروا" من (ف).
(٢) في (أ): "مجزيًا" بدل من "الخبر محزنًا".
(٣) في (أ): "والبلية".
(٤) ما بين معكوفتين زيادة من (أ). وفي (ف): "لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلًا".