{وَرَحْمَتُهُ} بإنزال القرآن، {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} لا يتَّبعونه بالعقل؛ كزيدِ ابن عمرو بن نُفَيل، وقَسِّ بنِ ساعدة، وبَحيرا الرَّاهب، وورقةَ بنِ نوفل، وسيف بن ذي يزن، وآخرين.
وقيل: {إِلَّا قَلِيلًا} هم الأطفالُ ومَن لم تبلغْهُ (١) الدَّعوة.
* * *
(٨٤) - {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}.
وقوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الفاء للوصلِ بقولِه: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ} النساء: ٧٤، وقيل: للوصلِ بقوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء: ٧٥؛ ذكرهما الزَّجَّاج (٢).
وقيل: للوصل بقوله: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ولا تَلتفِت إلى صنيعِهم.
وقوله تعالى: {لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}؛ أي: لا تُلزَمُ الكلفةَ في الجهاد يا محمَّدُ إلَّا في نفسِك، فاخرجْ وإن لمْ يُساعِدك أحدٌ، ولا شيءَ عليك بتخلُّفهم؛ وهو كقوله تعالى: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} الأنعام: ٥٢، ولا تُعذَرُ أنت ببقائِك وحدَك.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: استقِم معنا بتسليمِ الكُلِّ منك إلى أمرِنا،
(١) في (ف): "تبلغهم".
(٢) في "معاني القرآن" له (٢/ ٨٤ - ٨٥).