وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} بأن يقوِّيهم بعد ضعفِهم، أو ينزعَ الرُّعبَ عن قلوبهم، يقول: اذكروا مِنَّتي، ولا تُعجَبوا بأحوالكم، فإنَّ عجزهم عنكم بإعجازي، لا بكم.
وقوله تعالى: {فَلَقَاتَلُوكُمْ} عطفٌ على: سلَّطهم، وتكرار اللَّام للتَّأكيد، ولو قال: فقاتلوكم، لاستقام، وقرأ مجاهد: (فَلَقَتلوكم) (١) مِن القتل، وقرأ الحسن: (فلقتَّلوكم) بالتَّشديد للتَّكثير (٢).
وقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ} أي: ترَكوا مخالطةَ المسلمين؛ لأنَّهم إذا كان (٣) بهم (٤) قوَّةٌ، فالاحتياطُ في تركِ الاختلاط.
قوله تعالى: {فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} قيل: هو (٥) تفسيرُ الاعتزال، فإن اعتَزلوا عن قتالِكم.
وقيل: في الاختلاط؛ خوفَ اطِّلاعهم على بواطنِ أحوال المسلمين، ووقوعِ ما يُخاف؛ فلذلك شرط الاعتزال (٦).
وقوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}؛ أي: الانقيادَ؛ أي: استسلَموا لكم بطلبِ الأمان، وقيل: أي: بالإيمان.
وقوله تعالى: {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}؛ أي: طريقًا إلى القِتال واستباحةِ الأرواحِ والأموال.
(١) في (ر): "فقتلوكم". والقراءة نسبها ابن خالويه في "مختصره" (ص: ٣٤) للحسن ومجاهد.
(٢) انظر: "شواذ القراءات" للكرماني (ص: ١٤٠)، ونسبها الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٩٠) للجحدري والحسن.
(٣) في (ف): "كانت".
(٤) في (ر) و (ف): "لهم".
(٥) في (ف): "وهو" بدل: "قيل هو".
(٦) من قوله: "قوله تعالى: فلم يقاتلوكم" إلى هنا ليس في (أ).