في السَّنةِ مرَّةً، والحجِّ الذي هو في العُمرِ مرَّةً (١)، وذلك لتأكيد (٢) أمرها، وجلالة قدرها، وقوله: {كاَنَتْ} دليلٌ على أنَّ الصلاة كانت مفروضةً على الأمم السَّالفةِ كلِّها، وقوله: {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} دليلٌ على أنَّ الكفَّارَ غيرُ مخاطبين بالشَّرائع.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: الوظائفُ الظَّاهرةُ مؤقَّتة، ومشاهداتُ القلوب مؤبَّدةٌ، والرسومُ في وقتٍ دون وقتٍ، وأمَّا القلوب؛ فإيَّاكم والغَيبةَ عن الحقيقةِ لحظةً كيفما اختلفَتْ بكم الأحوال، وأمَّا الذِّكر؛ فكيف كنتم وكما كنتم، وأمَّا إقامة الصلاة؛ فإذا اطمأننتُم (٣).
* * *
(١٠٤) - {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
وقوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ}؛ أي: لا تَضعُفوا في طلبِ العدوِّ في مكامنهم، نَزلَت في أهل أُحُدٍ، وقد بيَّنَّا ذلك في قوله: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} آل عمران: ١٤٠.
وقوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ}؛ أي: تُوجَعون.
وقوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}؛ أي: تأمَلون الحياةَ الباقيةَ بالشَّهادةِ والرِّزقِ الدَّائمِ في الآخرة، والظَّفَرِ والنُّصرةِ في الدُّنيا، وهم لا يَأملون ذلك.
(١) بعدها في (ر): "واحدةً".
(٢) في (أ): "لتأكد".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩).