وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}؛ أي: لا تناضِل عن أرباب الحظوظ، وكنْ مع أبناءِ (١) الحقوق، ومَن جنح إلى الهوى، خان فيما أودع نفسَهُ مِن التَّقوى، ومَن ركنَ إلى نوازعِ المنى، خانَ فيما طولِب به مِن الحياء لاطِّلاع المولى (٢).
* * *
(١٠٦) - {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}.
وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}؛ أي: مِن قصدك قطعَ اليهوديِّ بغير سرقةٍ، والذَّبَّ عن طعمة.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}؛ أي: لمن استغفر.
* * *
(١٠٧) - {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}.
وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ}؛ أي: عن طبقة طعمة، وهم إن خانوا غيرهم، فقد أضرُّوا بأنفسِهم، فكان ذلك خيانةً في حقِّ أنفسهم.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا}؛ أي: كثيرَ الخيانة، سمَّاه به لسرقتِه مرَّاتٍ. {أَثِيمًا} أي: كثير الإثم، والأثيمُ أبلغُ من الآثم؛ كالشَّهيد أبلغُ مِن الشَّاهد، والرَّحيم أبلغُ من الرَّاحم، وإثمُه كان بيمينِه الكاذبة، ورميِهِ اليهوديَّ البريءَ (٣) بالسرقة.
(١) في (ف): "أرباب".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٦٠).
(٣) لفظ: "البريء" ليس في (أ).