وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} أي: لأُمَّتك، فإنَّا قد كفيناك حديثَك (١) بقولنا: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الفتح: ٢.
وقال في قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} هم المؤثِرون حظوظَهم على حقوقه، والرَّاضون بالتَّعريجِ في أوطان الهوى، دون النُّقلةِ إلى منازل الرِّضى (٢).
* * *
(١٠٨) - {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}.
وقوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ}؛ أي: يَستترون بمعاصيهِم في أخذ الأموالِ وجحد الحقوق، {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ}؛ أي: لا يُمكنُهم الاختفاءُ عن اللَّه تعالى، فإنَّه مطَّلعٌ على سرائرهم.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه تعالى عنهما: {يَسْتَخْفُونَ} أي: يستحيون، كنى به عنه؛ لأَنَّه من أسبابه (٣).
وقوله تعالى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ}؛ أي: يدبِّرون بالليل، وقوله تعالى: {مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}؛ أي: مِن تبرئة طُعمة، واتِّهامِ اليهوديِّ البريء، واستزلال النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}؛ أي: عالمًا بكلِّ وجوهِه.
* * *
(١) بعدها في (ف): "وقديمك".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٥٩ - ٣٦٠).
(٣) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٧/ ٧٦).