هذا قَسمي فيما أملكُ، فلا تؤاخذني فيما (١) لا أملك" (٢)؛ يعني: من حبِّ عائشةَ رضي اللَّه عنها، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كانت له امرأتان، فمالَ إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وأحدُ شقَّيهِ مائلٌ" (٣).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: إذا منعتموهنَّ عن صحبةِ أغيارِكم، ثمَّ قطعتم عنهنَّ ما هو حظُّهنَّ منكم، أضررتم بهنَّ مِن وجهين؛ لا منكم نصيبٌ، ولا إلى غيرِكم سبيل، وإن هذا الحيف (٤) عظيم.
والإشارة فيه أنَّه إذا سُدَّ عليك طريقُ حظوظِك منك، فُتِح عليك شهودُ الحقِّ، ووجودُ اللُّطف؛ فإنَّ مَن كان في اللَّه تعالى تلفُهُ فالحقُّ سبحانه خَلَفُه (٥).
وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} قيل: إن تُصلِحوا ذاتَ بينِكم في حسنِ الصُّحبة.
وقيل: {وَإِنْ تُصْلِحُوا} أعمالَكم بتركِ كلِّ الميل، وتتَّقوا الجَورَ.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {وَإِنْ تُصْلِحُوا}؛ أي: فيما بينكم وبين الخلق، {وَتَتَّقُوا} أي: فيما بَيْنَكُم وبين الحقِّ، غفرَ اللَّهُ لكم ما سلفَ مِن الجورِ (٦).
وقيل: غفرَ اللَّهُ لكم ميلَ القلب بالحبِّ، ورحمَكُم فلم يعاقبكم.
(١) في (أ) و (ر): "بما".
(٢) رواه أبو داود (٢١٣٤)، والترمذي (١١٤٠)، والنسائي (٣٩٤٣)، وابن ماجه (١٩٧١) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.
(٣) رواه أبو داود (٢١٣٣)، والترمذي (١١٤١)، والنسائي (٣٩٤٢)، وابن ماجه (١٩٦٩) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) في (أ) و (ر): "لحيف"، والمثبت موافق لما في "لطائف الإشارات".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٣٧٠).
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٣٧٠).