وقيل: معناه أنَّهم كفروا كفرًا بعد كفرٍ، وكفرًا على كفر، فهو تفحيشٌ لحالهم وقولِهم على مريم بهتانًا عظيمًا.
قال الكلبيُّ رحمه اللَّه: إنَّ عيسى عليه السَّلام استقبلَ رهطًا مِن اليهود، فقالوا: قد جاءَكُم السَّاحر ابنُ السَّاحرة (١)، فقال عيسى صلوات اللَّه عليه: اللهمَّ العنْ مَن سبَّني وسبَّ والدتي، فمُسِخوا خنازير (٢).
ورموا أمَّه برجلٍ من الصالحين وهو يوسف بن يعقوب بن ماثان (٣).
ثمَّ في هذه الآية وجهان:
أحدهما: أنَّه عطفٌ على قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ}، {وَكُفْرِهِمْ}، {وَقَتْلِهِمُ}، {وَقَوْلِهِمْ}.
والثاني: أنَّه عطفٌ على قوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وبما (٤) ذكر في هذه الآية.
* * *
(١٥٧) - {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}.
وقوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} أي: وبقولهم، وفي عطفِه وجهان كما قُلنا الآن، {عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} معنى الجمع بين الاسمين ما مرَّ في سورة آل عمران (٥).
(١) في "تفسير الثعلبي" (٣/ ٤٠٩) أنهم شتموه وأمه بألفاظ القذف.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٤٠٩)، والخبر فيه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٣) اسمه في "تفسير مقاتل" (١/ ٤٢٠)، و"تفسير أبي الليث" (١/ ٤٠٢): يوسف بن ماثان.
(٤) في (ف): "ومما".
(٥) عند تفسير الآية (٤٥) منها.