عيسى، ورفعَ عيسى، فوُجِدَت الصِّفةُ فيه، فذلك قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} النساء: ١٥٧ الآية.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: تَعلَّقَ بعضُ النَّاسِ بهذهِ الآيةِ مِن وجهَين:
أحدهما: في احتمال الغلطِ والخطأ في المشاهدات والمعاينات.
والثاني: في احتمالِ المتواتر مِن الأخبارِ الغلطَ والكذبَ.
وقالوا لمَّا قُتِل ذلك الرَّجلُ - وعندهم أنَّه عيسى، لمَّا كان به (١) شبهُه، ثمَّ لم يكن عيسى: ما يمنعُ أيضًا أنَّ ما يُشاهَدُ ويُعاينُ هو في الحقيقةِ على غير ذلك.
ثمَّ الخبرُ أيضًا قد تواترَ فيهم بقتل عيسى، وكان (٢) كذبًا، فما يَمنعُ أيضًا أنَّ الخبرَ المتواترَ يجوزُ أن يَخرجَ (٣) كذبًا وغلطًا.
قلنا: أمَّا الخبرُ بقتله فإنَّما انتشرَ عن ستَّةٍ أو سبعةٍ، كذا ذُكِرَ في القصَّة، وهذا من أخبار الآحاد عندنا.
وأما التَّشبيهُ فهو تشبيهُ الدَّاخلين على الآخرين؛ لأنَّهم دَخلوا بيتًا هو فيه، فلم يَجدوهُ؛ لأنَّه رُفِعَ، وكان ذلك مِن أعظمِ آياتِه، فلمَّا خرجوا لم يُحِبُّوا أن يخبروا الناسَ بذلك، فقالوا (٤): قتلناه، فذلك تشبيهٌ منهم لهؤلاء، فلم يكن حجَّةً في دعوى وقوعِ الخطأ في المشاهدات (٥).
(١) بعدها في (ف): "من".
(٢) في (ف): "فكان ذلك".
(٣) في (ر): "يكون".
(٤) في (أ) و (ر): "بل قالوا" بدل: "فقالوا".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٤٠٩ - ٤١١).