والرابع: بالعطف على داود؛ أي: وآتينا رسلًا كُتبًا أُخر.
وقوله تعالى: {قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} قال الكلبيُّ: أي: سمَّيناهم لك في القرآن، وعرفناكَهم إلى مَن بُعِثوا (١).
وقوله تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك}؛ أي: لم نسمِّهم لك، فالمسمَّون المذكورون في سورة الأنعام وغيرها، وهي مقدَّمةٌ في النُّزول، وإنْ كانت مؤخَّرةً في الكتابة.
قال ابنُ عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: لمَّا نزلَت الآيةُ الأولى قالت اليهود: ذكرَ محمَّدٌ الأنبياءَ، ولم يَذكر موسى، فنزلَت هذه الآية: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك} الآية (٢).
وسأل أبو ذَرٍّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كم الأنبياء؟ قال: "مئةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا" قال: كم الرُّسلُ منهم؟ قال: "ثلاثُ مئةٍ وثلاثةَ عشر؛ أوَّلُ الرُّسل آدم، وآخرُهم نبيُّكم محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأوَّلُ رسلِ بني إسرائيل موسى، وآخرُهم عيسى، وبينهما ألفُ نبيٍّ؛ أربعةٌ منهم سريانيون، وأربعةٌ مِن العرب؛ هودٌ، وصالح، وشعيبٌ (٣)، ومحمَّدٌ عليهم الصَّلاة والسَّلام" (٤).
وقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}؛ أي: بلا واسطةٍ، وهو ردٌّ على المعتزلة الذين لا يُثبتون للَّه تعالى كلامًا أزليًّا على الحقيقة صفةً قائمةً بذاته؛ لأنَّه
(١) انظر: "الوسيط" للواحدي (٢/ ١٤٠).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (٧/ ١٩٥).
(٣) في (أ): "شيث".
(٤) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٦١) مطولًا، والحاكم في "المستدرك": (٤١٦٦)، قال محقق "صحيح ابن حبان": إسناده ضعيفٌ جدًّا. وانظر تتمة تخريجه ثمة.