اللفظ، وتقول: الشكرُ للَّهِ والشكرُ لفلانٍ، فهذا عمومُ اللفظ، ثم الحمدُ يُوضَع موضعَ الشكرِ، فيقالُ: حَمدتُه على صفاتِه الجليلة، وحَمدتُه أيضًا على صنائعِه الجزيلةِ، والشكرُ لا يُوضَع موضعَ الحمدِ، فيقالُ: شكرتُ له على آلائِه ونعمائِه، ولا يقالُ: شكرتُ له على علائه وكبريائه، فكان كلُّ شكرٍ حمدًا، ولم يكن كلُّ حمدٍ شكرًا.
وبالفارسية: (الحمد للَّه استايش همه استانيد كان وراي منتهي، والشكر للَّه ساس همه دارند كان ورابد همة منتهي) (١).
وقال قتادةُ: إنَّ اللَّه تعالى افتتحَ بالحمدِ (٢) حين خَلَقَ السماواتِ والأرضَ، فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} الأنعام: ١ وختمَ بالحمد فقال: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الزمر: ٧٥ (٣)، فجعل ابتداءَ العالَم وانتهاءَه بالحمد.
ثم قراءةُ العامَّة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على الابتداء، واللامُ بالكسر على الأصل.
وقرأ هارونُ بنُ موسى العَتكيُّ الأعورُ ورؤبةُ بنُ العجَّاج بنصبِ الدَّالِ على المصدر (٤)، وهو على الأَمْرِ بطريقِ الإغراء.
وقرأ الحسنُ البصريُّ رحمه اللَّه: (الحمدِ للَّه) بخفض الدَّالِ (٥)؛ إِتباعًا لكسرة اللام.
(١) في هامش (ف): "تعريبه: مدح جميع المُدَّاح له وشكر جميع الشاكرين له على مننه".
(٢) في النسخ: "الحمد"، والمثبت من هامش (ف). ولفظ الخبر: (فُتح أول الخلق بالحمد للَّه. .).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٧٣).
(٤) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩)، ونسبها لرؤبة.
(٥) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩)، وزاد نسبتها لرؤبة، و"المحتسب" (١/ ٣٧)، وزاد نسبتها لزيد بن علي.