رحمه اللَّه: لم يَذكر اسمَهُ؛ ليُعلَم أنَّ الرُّسلَ يُعرفون بالآياتِ المعجزة، دون الأسامي. وفيه دليلٌ أنَّ مَن آمنَ بالرُّسلِ كلِّهم يكون مؤمنًا، وإن لم يَعرِف أسماءَهم (١).
و {يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا} هو الرَّجمُ المذكور في التَّوراة، والبِشارةُ بالنبيِّ المصطفى محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّوراة والإنجيل، وقصَّةُ أصحاب السَّبتِ الذين مُسِخوا قردةً، كانوا يخفونَه (٢)؛ لما فيه من السُّبَّة.
وقال الحسين بن الفضل رحمه اللَّه: ومنها ملَّةُ إبراهيم، وحرمةُ لحوم الإبل وألبانِها، كتموها عن السَّفِلة، وقصَّة عيسى.
وقوله تعالى: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}؛ أي: يَتركُ بيانَه لكم، وإن أعلمَهُ اللَّهُ به؛ لأنَّ ما بيَّنهُ حُجَّةٌ كافيةٌ عليكم.
وروي أنَّ يهوديًّا قال: ما الكثيرُ الذي يَعفو عنه؟ فأعرض عنه، فسأله ثانيًا وثالثًا، فأعرضَ (٣)، وكان قصد اليهودي أن تظهرَ منه مناقضتُه بتركِ العفو، فلمَّا أعرضَ تيقَّنَ بصدقِه وأسلمَ.
وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ} وهو محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّه يُستضاءُ به من ظلماتِ الكفرِ والأهواء.
وقوله تعالى: {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} هو القرآنُ، يُبيِّنُ كلَّ شيءٍ بنا إليه حاجةٌ مِن أمورِ الدِّين.
* * *
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٤٨٤).
(٢) في (ف): "يحرفونه".
(٣) بعدها في (ر): "عنه".