وقيل: هذا الإغراءُ بين النَّصارى واليهود، وقد سبق ذكرُهم جميعًا في الآيتين، وذلك ظاهرٌ في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} الآية البقرة: ١١٣، ثمَّ قال: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} مع ما قال: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية النساء: ١٥٩.
وقيل: ذلك عند نزولِ عيسى عليه السلام من السماء؛ لأنَّ معناه -واللَّه أعلم-: بقاءُ هؤلاءِ المصِرِّينَ على نقضِ العهدِ على هذه العداوة إلى الموت.
وقوله تعالى: {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} هذا وعيدٌ لهم في الآخرة مع ما ذكرَ لهم من وعيدِ الدُّنيا؛ {يُنَبِّئُهُمُ} به توبيخًا، ثمَّ يُجَازيهِم عليه تعذيبًا وتخليدًا.
والوعيدُ بهذا الإغراء ثابتٌ أيضًا في حقِّ اليهود. قال تعالى في هذه السورة: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} المائدة: ٦٤.
* * *
(١٥) - {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}.
وقوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} خطابٌ لليهود والنَّصارى جميعًا، وقد سبقَ ذكرُهم.
وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ}؛ أي: محمَّدٌ عليه الصَّلاة والسلام. قال الإمام أبو منصور