وقيل: هو فلقُ البحر.
وقيل: تظليلُ الغَمام، وإنزالُ المنِّ والسَّلوى.
لكن عند بعضِهم كان هذا في التيه، وكان ذلك بعد هذا الأمرِ بالجهاد، فهو على سائر ما أوتوهُ مِن الآياتِ وأنواع الكرامات.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أمر اللَّهُ بني إسرائيلَ على لسان نبيِّه أنْ يَذكروا نعمَة اللَّه، وأمر هذه الأمة بخطابِ نفسِه، لا على لسان مخلوق؛ بأنْ يَذكروهُ، فقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} البقرة: ١٥٢، ثمَّ جعلَ جزاءَ أولئك ثوابَه الذي هو فعلُه، وجعلَ جزاء هؤلاء ذكرَه الذي هو قولُه.
وقال في قوله: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} الملِكُ مِن المخلوقين: مَن عبدَ اللَّهَ الملِكَ الحقيقيَّ. وقال: الملكُ: مَن مَلَك هواهُ، والمملوكُ مَن هو في رِقِّ شهواتِه ومُناه.
قال: ويقال: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} لم يُحوِجكُم إلى أمثالِكم، ولم يَحجبكُم عن نفسِه بأشغالِكم، وسهَّل سبيلَكُم إليه في عمومِ أحوالِكم.
وقال في قوله: {وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}: لئن آتى بني إسرائيلَ بمقتضى جودِه، فقد أغنى عن الإيتاء هذه الأمة فاكتفوا بوجوده، والاكتفاء بوجوده أتم من الاستغناء بمقتضى جوده (١).
* * *
(٢١) - {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤١٥).