ليُسلِموا، واللامُ بمعنى: "على"، كما في قوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} الإسراء: ٧؛ أي: فعليها (١).
وقال القتبيُّ: أمرَكُم بدخولِها (٢).
فإن قالوا: رُويَ أنَّهم لمَّا لم يجيبوا إلى الجهادِ (٣) بَقوا في التِّيه أربعين سنةً، وماتوا فيها، فكيف كانت مكتوبةً لهم، وماتوا قبل أن يدخلوها (٤)؟ قلنا عنه أجوبة:
أحدها: أنَّ هذا كان وعدًا مقيَّدًا بشرطِ الجهاد؛ لأنَّه وإنْ أُطلِقَ في أوَّل هذه الآية، فقد قال في آخرها: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}، وقد خالَفوا الشَّرطَ فحُرِموها.
والثَّاني: أنَّ الخطابَ لبني إسرائيل، وقد وقع الفتحُ على أيدي أولادِ هؤلاء، ودخلوها، فتَحقَّق الوعدُ.
والثَّالث: أنَّ بعض مَن بقيَ في التِّيه الذين كانوا مع موسى حين خاطَبهم، منهم يوشع بن نون وكالب؛ قد (٥) فتحوها ودَخَلُوها.
وقوله تعالى: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}؛ أي: ولا تَرجِعوا موَلِّينَ ظهورَكُم منهزمين، فتَخسروا ما وعدَ لكم؛ مِن الاستيلاءِ على بلادِهم في الدُّنيا، ومن الثَّوابِ في العُقبى.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٤٩١).
(٢) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ١٤٢).
(٣) في (ر): "القتال".
(٤) قوله: "وماتوا قبل أن يدخلوها" من (ف).
(٥) في (ف): "وكالوب وقد" بدل: "وكالب قد".