(٤٠) - {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ}؛ أي: يا محمَّدُ، وقيل: أي: يا إنسان؛ خطابٌ لكلَّ مكلَّف، وقيل: الخطابُ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمرادُ جميعُ أمَّتِه.
وقوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} والمرادُ مِن هذا الاستفهام الأمرُ؛ أي: اعلَمْ أنَّ ملكَ السَّماواتِ والأرض للَّه.
وقوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: السَّارقَ، يأمرُ بقطعِه مع توبتِه.
وقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} يُسقِطُ الحدَّ عن قاطعِ الطَّريق إذا تابَ قبل أنْ يُقدَرَ عليه، نَفى بذلك وَهْمَ من يقول في نفسه: لم افترقَ حكمُهما؟ فيقول: الملكُ لي، والحكمُ لي، فلا اعتراضَ على فعلي.
وقال الكلبيُّ: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} مَن ماتَ على كُفرِه، {وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} لمَن تابَ مِن ذنبِه.
وقال الضَّحَّاك: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} على الصَّغيرةِ إذا أصرَّ عليها، {وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} الكبيرةَ إذا نزعَ عنها (١).
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: على التعذيبِ والمغفرةِ وغيرِهما.
* * *
(٤١) - {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ
(١) انظر قولي الكلبي والضحاك في "تفسير الثعلبي" (٤/ ٦٣).