سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} خاطبَ سائرَ الأنبياءِ باسم التعريف: {يَاآدَمُ} البقرة: ٣٣، {يَانُوحُ} هود: ٣٢، {يَاإِبْرَاهِيمُ} هود: ٧٦، {يَالُوطُ} (١)، وخاطبَ محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- باسم التَّشريفِ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ}، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} الأنفال: ٦٤.
{وَلَا يَحْزُنْكَ} لا يغمك المسارعون {فِي الْكُفْرِ}.
قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} وهم المنافقون.
وقوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} عطف على المنافقين.
وقوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} أي: هم {سَمَّاعُونَ}، أضمرَ الابتداء.
وقيل: تمَّ الكلامُ الأوَّلُ بذكرِ المنافقين، وقوله: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} ابتداءٌ، و {سَمَّاعُونَ} خبره، وانتظامُها بما قبلَها: أنَّ أخذَ المال بقطع الطَّريق والسَّرقة أورث (٢) العقوبةَ، وأخذَ اليهودِ أموالَ النَّاس لتحريف الكتاب أورثَ الكفرَ.
وقوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} مبالغةٌ في السَّماع.
(١) وقع خطاب لوط في كلام الملائكة في قوله تعالى: {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ} هود: ٨١، وفي مخطابة قومه له: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ. . .} الشعراء: ١٦٧.
(٢) في (أ): "أوجب".