ففي الأول: تعظيمُ نفسه، وفي الثاني: تعظيمُ أحبابه (١)، كأنه قال: ما أعظمني! والعالَمون لي، وما أعظمكم أحبائي (٢)! وأنا لكم.
ثم العالمُ جمعٌ لا واحدَ له من لفظه؛ كالأنام والرَّهط والجيش، وهو مأخوذٌ من العَلَم والعلامة، وهو على وزن (فاعَل) بالفتح؛ كالخاتَم والطابَع، والخاتَم: ما يُختَم به، والطابَع: ما يُطبع به، فالعالَم: هو ما يُعلم به؛ أي: يُستدلُّ به على الصَّانع.
فوجودُ المخلوقات دليلٌ على وجود الخالق وإيجاده، وحدوثُها دليلٌ على قِدَمه، وبقاؤها على هيئةٍ دليلٌ على وحدانيَّتِه، ووجودُها على هيئةٍ مخصوصةٍ مع جواز غيرها دليلٌ على إرادته، وانتظامُها واتساقُها (٣) دليلٌ على علمه وحكمته.
وإجابةُ دعاء (٤) الدَّاعين دليلٌ على سمعه وإجابته.
وعجزُ الخلائق عن (٥) ردِّ قضائه دليلٌ على جلاله وعظمته.
ونقضُ العزائم وفسخُ الهِمَم دليلٌ على إرادته ومشيئته.
وحرمانُ المجتهدين دليلٌ على قبضه وقدرته، وسعةُ العاجزين عن الكسب دليل على بَسْطه ومِنَّته.
وإمهالُ المفترِين على اللَّه تعالى دليلٌ على حِلْمه ورحمته.
(١) في (ف): "أحبائه".
(٢) في (أ): "أحبابي".
(٣) في (ر) و (ف): "وانقسامها".
(٤) في (أ): "دعوات".
(٥) في (أ): "الخلق عن"، وفي (ر): "الخلائق في".