وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: الشَّريعةُ: المنصوصُ عليها في الكتاب، والمنهاج: الثَّابتُ بالسُّنَّةِ (١).
وقال مجاهدٌ والزَّجَّاج: الشِّرعةُ والمنهاج واحدٌ، وهو الطَّريق؛ أي (٢): الدِّين (٣)، وهو كقوله: {الْكِتَابَ} و {الْفُرْقَانَ}، وهو تكرارُ اللِّفظِ واتِّحادُ المعنى، كقول القائل:
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عهدُه... أقوى وأقفرَ بعد أمِّ الهيثمِ (٤)
وقال مقاتل: شِرْعةُ اليهودِ القِصاص، ولا عفوَ ولا ديةَ، وشرعةُ النَّصارى العفوُ لا غير، وشرعتُنا في العمدِ كل ذلك، وكذلك الحدُّ في الزِّنى مختلفٌ (٥).
وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} على شرعةٍ واحدةٍ، وهي الإسلام، بلا اختلافٍ ولا تفاوت.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}؛ أي: جعلَ الشَّرائعَ مختلفةً؛ أي: ليَختبركُم فيما أعطاكُم مِن الدِّين.
وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}؛ أي: فابتَدروا إلى العملِ بالشَّرائع، فهي خيراتٌ كلُّها، جامعةٌ خيرَ الدَّارَين.
وقوله تعالى: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} أيُّها الأمم، {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ
(١) روى الطبري في "تفسيره" (٨/ ٤٩٦ - ٤٩٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١١٥١، ١١٥٢) (٦٤٨٢، ٦٤٨٥) عنه قال: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}: سبيلًا وسنةً.
(٢) في (ر) و (ف): "إلى".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ١٨٤).
(٤) البيت لعنترة، وهو في "ديوانه" (ص: ١٨٥).
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٨٢).