والبُغاء: الطَّلبُ بضمِّ الباء، يقول: أتطلبون حكمَ أهل الجاهليَّةِ في حدِّ الزِّنى والقصاص حيث لم تَرضوا بحكم التَّوراةِ والإنجيلِ والقرآن.
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} استفهامٌ بمعنى النَّفي؛ أي: لا أحسنُ حكمًا مِن اللَّه {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أنَّ لهم إلهًا، فيعلمون أنَّه لا أحسنُ حكمًا منه (١)؛ لأنَّه على المصلحةِ والحكمةَ، لا على المجازفة والشَّهوة.
وقيل: معناه: عند قومٍ يوقنون باللَّه وبحكمته، وحرفُ اللَّام، وكلمة "عند" يتقاربان، يقال: لفلانٍ العلمُ بهذا الأمرِ، و: عندهُ العلمُ بهذا الأمر.
وقال الإمام القشيريُّ: أيعودون في ظُلمةِ الحِجاب بعدما انهتكَ سِتْرُ الارتياب؟! اصلطلبون منك أنْ تَحيدَ عن المحجَّة المُثلى والطريقة العظمى، بعدما اتَّضحَ لك البراهيُن وتَجلَّى اليقين (٢)؟!
* * *
(٥١) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}؛ أي: لا تَتولَّوهم.
وقال الإمام أبو منصور: ويَحتملُ: لا تَدينوا بدينهم، فإنَّكم إذا فعلتُم ذلكَ صِرْتُم لهم أولياء (٣).
وقوله تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}؛ لاتِّفاق أديانِهم، فإذا تولَّيتُموهم كنتم على دينِهم.
(١) في (ف): "من اللَّه" بدل: "منه".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٢٩).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٥٣٧).