الرابع: أنه ذكر الحمدَ، وبالحمد تُنال الرحمةُ، فإنَّ أولَ مَن حمد اللَّه تعالى من البشر آدم، عطس فقال: الحمد للَّه، وأجيب للحال: يرحمك ربُّك، ولذلك خلقتُك، فعلَّم خَلْقَه الحمدَ، وبيَّنَ أنهم ينالون (١) رحمتَه بالحمد.
والخامس: أن قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ترهيبٌ، وقولَه: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ترغيبٌ، فجمع بين الرَّغبة والرَّهبة؛ ليكون ذلك أعونَ للناس على طاعته، وأمنعَ من معصيته.
ونَزيد في الفائدة هاهنا بذكر (٢) مقالاتٍ لم نذكرها في التسمية في تفسير الاسمين:
قال الإمامُ أبو منصورٍ عبدُ الكريم بنُ هوازنَ القشيريُّ (٣): الرحمنُ بما رَوَّح، والرحيم بما لَوَّح، فالترويحُ بالمَبارِّ، والتَّلويح بالأنوار.
الرحمن بكشف تجلِّيه، والرحيم بلُطْف تولِّيه.
الرحمن بما يُوفِّق، والرحيم بما يُحقِّق، فالتوفيق للمعاملات، والتحقيق للمواصلات، فالمعاملات للقاصدين، والمواصلات للواجدين.
الرحمن بما يصنع، والرحيم بما يدفع، فالصُّنع بجميل الرِّعاية، والدَّفع بحُسن العِناية (٤).
* * *
(١) في (أ): "يسألون".
(٢) في (أ): "ونذكر هاهنا"، بدل: "هاهنا بذكر".
(٣) في (ر) و (ف): "الإمام القشيري عبد الكريم بن هوازن"، والمثبت من (أ) وهامش (ف).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٧).