وقيل: هو خطابٌ لهم على ما في زعمهم، كما قال ذلك في الخير: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} يوسف: ٣٩، {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} النمل: ٥٩.
ولمَّا نزلَت هذه الآيةُ عيَّرهم المسلمون، وقالوا: يا إخوةَ القردةِ والخنازيرِ، فنَكسوا رؤوسَهم بما فضحهم اللَّهُ تعالى على لسان رسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
* * *
(٦١) - {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا}؛ أي: مِن هؤلاء اليهودِ منافقون يَلقونَكُم بوجهٍ، ويَلقون الكفَّارَ بوجهٍ، فإذا جاؤوا مجلسَ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: آمنَّا بما أنزلَ اللَّه، قولًا مجملًا.
وقوله تعالى: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ}؛ أي: دخلوا وهم كافِرون.
وقوله تعالى: {وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} وخرجوا وهم كافرون، كما يُقال: دخلَ بردائِه وطَيلسانِه؛ أي: وهو لابِسهما، {وَهُمْ} تأكيدٌ أنَّ الكفرَ منهم، ونفي أنْ يكون من أمر (١) النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سبب يوجب (٢) لهم الكفرَ.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} أي: بما لم يزالوا يُضمِرون من النِّفاق والحقد عليكم.
* * *
(١) لفظ: "أمر" من (ر).
(٢) في (أ): "موجب".