قال: وقيل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} يَضعُ ويَرفعُ، ويَدفعُ ويَنفعُ، فلا يَخلو أحدٌ مِن نعمةِ الدَّفْعِ، وإنْ خلا عن نعمةِ النَّفع (١).
وقوله تعالى: {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}؛ أي: يَرزقُ مَن يشاءُ ما يشاءُ على ما يشاءُ مِن توسيعٍ وتضييق، فله الحكمُ والمشيئةُ في كلِّ البَرِيَّة.
وقوله تعالى: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} اللامُ للقَسم، وهو للتَّأكيد، ومعناهُ أنَّ كثيرًا مِن هؤلاء اليهود يَزداد -عند نزولِ القرآنِ بكشفِ سرائرِهم القبيحةِ- عنادًا وثباتًا على الكفر، وهذا من إضافة الفعل إلى السَّبب؛ كما قال: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا} التوبة: ١٢٥، وقال: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} نوح: ٦.
وقوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فسرَّناه في هذه السُّورة مرَّة (٢)، وهذا عقوبةٌ لهم على ما كان منهم، وامتنان على النبيِّ عليه السلام وأصحابِه، فإنَّ ذلك يُورِثُ الفشلَ لعدوِّهم.
وقال مقاتل: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ} بني النَّضير، {مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} في أمرِ الرَّجمِ (٣) في القرآن، {طُغْيَانًا وَكُفْرًا} بالقرآن، {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ} بين اليهودِ والنَّصارى {الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} أبدًا (٤).
وقوله تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} مجازٌ عن همِّهم بتهييجِ الحروبِ على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإبطالِ اللَّه ذلك.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٣٧).
(٢) عند تفسير الآية (١٤) منها.
(٣) في (ف): "من اللَّه في أمرهم" بدل: "من ربك في أمر الرجم".
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٩٠).