وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: بيَّن أنَّهم وإن اختلفت أحوالهم، فبعدما جمعَهم التَّوحيد، فلهمُ الأمانُ مِن الوعيدِ والفوزِ بالمزيد (١).
* * *
(٧٠) - {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}.
وقوله تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: في كتبِهم بالإيمانِ باللَّه وبجميعِ الأنبياء.
وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا}؛ أي: في تجديدِ هذا الميثاق.
وقوله تعالى: {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ}؛ أي: لا يوافِقُ أهواءَهم.
وقوله تعالى: {فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}؛ أي: فريقًا كانوا يَقتلون، فإنَّه إخبار عن سَلَفَهم، وذاك ماضٍ، فدلَّ أنَّ "كانوا" مضمرٌ.
قال ابنُ كيسان: كان الأنبياء ضربين (٢)؛ أصحاب كتبٍ وشرائع، لم يصلوا إلى قتلِهم، مثل: نوحٍ وإبراهيمَ وموسى وعيسى (٣) وداود وسليمان، وأنبياء (٤) لم يكن لهم كتبٌ وشرائع قتلوهم، مثل: زكريَّا ويحيى وغيرهما.
وبلغني أنَّهم قتلوا في يومٍ سبعين نبيًّا، وهذا نقضٌ مِنهم للميثاق والعهد، وقد أمرَ في ابتداءِ السُّورة بالوفاء بالعهدِ، ثمَّ ذمَّ في بقيَّةِ السُّورة النَّاقضين للعهد.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٣٩).
(٢) بعدها في (ر): "ضرب".
(٣) قوله: "وعيسى" من (ر).
(٤) في (ف): "والذين".