وقال الحسن: {وَحَسِبُوا} ألَّا يُبتلَوا في الدِّين، ولا يُفرَضَ عليهم طاعةُ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، {فَعَمُوا} عن الدِّين، {وَصَمُّوا} فيه، {ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} فاستنقذَهم بمحمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكذَّبوه (١)، {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} (٢) أقاموا على اليهوديَّةِ.
وقال مقاتل: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} بلاءٌ وقحْطٌ، {فَعَمُوا} عن الحقِّ، فلم يُبصِروه، {وَصَمُّوا} فلم يسمعوهُ، {ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} رفعَ البلاءَ عنهم، فلم يَتوبوا، {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} من قتلِ الأنبياءِ وتكذيب الرُّسُل (٣).
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: اغترُّوا بطولِ الإمهال، فأصرُّوا على قبيحِ الأعمال (٤)، فلمَّا أخَذَتهم فجأةُ الانتقامِ، ونوائبُ الأيَّام، لم يَنفعهُم النَّدم، ولم يُثبِت لهم القدم (٥).
* * *
(٧٢) - {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
وقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} قال الكلبيُّ: هو في نصارى بني نجران، وهو قولُ اليعقوبيَّة مِن النَّصارى أنَّ عيسى إلهٌ.
(١) قول الحسن: فاستنقذهم بمحمد فكذبوه. ذكره الواحدي في "التفسير البسيط" (٧/ ٤٧٩).
(٢) في (أ) و (ف): "فعموا" بدل: "ثم عموا".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٩٤).
(٤) في (ر): "الأفعال".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٣٩).