مجاوزةُ الحدِّ إلى الازدياد، وضِدُّه التَّقصير، وهو النُّقصان عن بلوغ الحدِّ، وكلاهما فاسدٌ (١)، والحقُّ في الوقوفِ عند الحدِّ.
وهذا نهيٌ لليَهود والنَّصارى عن مجاوزةِ الحدِّ في عيسى؛ فإنَّ اليهودَ جاوزوا الحدَّ فيه، حيث نَسبوهُ إلى غيرِ رِشْدَةٍ، والنَّصارى جاوزوا (٢) الحدَّ فيه، فاتَّخذوه إلهًا.
وقوله: {غَيْرَ الْحَقِّ}؛ أي: بغير الحقِّ، وهو الباطل.
وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ}؛ أي: أسلافَكم، {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ}؛ أي: أحدَثوا هذه الأباطيلَ، فضلُّوا بها في أنفسِهم.
وقوله تعالى: {وَأَضَلُّوا كَثِيرًا}؛ أي: مِن الناس بدعوتِهم إيَّاهم إليها.
وقوله تعالى: {وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}؛ أي: ثَبتوا على (٣) ذلك الضَّلال.
وقيل: الضَّلالُ الأوَّلُ هو في أصل المذهبِ عن طريقِ الحقِّ، والثاني: ضلالُهم في إضلالِ النَّاس، فإنَّه ضلالٌ، والرُّشدُ: هو الدَّعوةُ إلى الحقِّ دون الضَّلال، ولأنَّهم يُؤاخَذون بضلالِ غيرِهم؛ لأنَّهم هم الذين حملوهُم عليه، قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} العنكبوت: ١٣، وقال: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} النحل: ٢٥.
* * *
(٧٨) - {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.
(١) في (ف): "فساد".
(٢) في (أ): "حاذروا".
(٣) في (أ): "عن".