(٨٤) - {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ}.
وقيل: معناه: ألحقنا بالأنبياءِ الذين يَشهدون عندكَ بإيمانِ مَن آمنَ بهم، وكفرِ مَن كفر بهم، ثمَّ أظهروا مِن أنفسِهم الاستبصارَ في دينهم، قطعًا لأطماعِ الكفَّار في رجوعِهم، وذلك قوله تعالى: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ} {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}؛ أي: وبما جاءَنا؛ أي: أيُّ عذرٍ لنا في تركِ الإيمان.
وقوله تعالى: {وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ}؛ أي: مع أنَّا نرجو أنْ يُدخِلَنا اللَّهُ جنَّته مع (١) الصَّالحين لذلك، وقيل: أي: الصَّالحين في أنفسِهم، وقيل: هم الأنبياء، وقيل: هم أمَّةُ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الآية، وعلى هذا ذكر الجنَّةِ مضمَرٌ.
وقيل: لا إضمار، ومعنى قوله: {أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ}؛ أي: يُدخِلَنا في جملتهم.
* * *
(٨٥) - {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}.
وقوله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: جزاؤهم بما قالوا من كلمةِ التَّوحيد، مع ما كان لهم مِن الاعتقاد، وذلك مذكورٌ في قوله: {مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ}، ولا مُتَعلَّق للكرَّامية بظاهرِ قوله: {بِمَا قَالُوا} في (٢) أنَّ الإيمانَ بمجرَّد القولِ، فقد قلنا: إنَّه كان مع المعرفة
(١) في (ر): "الجنة أي مع" بدل: "جنته مع القوم".
(٢) في (ر): "من".