وقيل: أوَّلُ مَن فعل كل ذلك عمرو بن لحي.
وقال مقاتل رحمه اللَّه: هو عمرو بن رَبيعةَ بن لُحَيّ بن قمعة بن خندف الخزاعيّ (١).
وروى زيدُ بنُ أسلم عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال (٢): "إنِّي لأعلمُ أوَّلَ مَن سيَّبَ السَّوائبَ، وأوَّلَ مَن غيَّرَ عهدَ إبراهيم"، قالوا: مَن هو يا رسولَ اللَّه؟ قال: "عمرو بنُ لُحَيّ، لقد رأيتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّار، يُؤذي ريحُه أهلَ النَّار، وإنِّي لأعرف أوَّلَ مَن بحرَ البحائر" قالوا: مَن هو يا رسولَ اللَّه؟ قال: "رجلٌ مِن بني مُدْلِج، كانت له ناقتانِ، فجدعَ آذانَهما، وحَرَّم ألبانَهما، ثمَّ شربَ ألبانَهما بعدُ، فلقد رأيتُه في النَّار وهما يَعضَّانِه بأفواههما، ويَخبِطانه بأخفافِهما" (٣).
وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}؛ أي: يَختلقون بقولِهم: إنَّ اللَّهَ تعالى أمَرَنا بتحريمِها {وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} أنَّ اللَّهَ تعالى لم يُحرِّمها، وهم عوامُّهم المقلِّدون رؤساءَهم.
* * *
(١٠٤) - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ}؛ أي: قيل لأتباعِهم: هلمُّوا إلى حكمِ اللَّه تعالى ورسولِه بأنَّ هذه الأشياءَ غيرُ محرَّمةٍ.
وقوله تعالى: {قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}؛ أي: كافينا ذلك.
وقوله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} الألفُ ألفُ الاستفهام بمعنى الاستنكار، والواوُ للعطفِ، وفي آخرِه مضمرٌ: يتبعونهم؛ أي: كيف يَجوزُ
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٠٩).
(٢) في (ف): "إني" بدل من "أنه قال".
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٧٥١)، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٨). وهو مرسل.