وقرأ الباقون بالرَّفع على الابتداء (١)؛ أي يقول اللَّه: إنَّ هذا اليومَ يوم ينفعُ الصَّادِقين فيه صدقُهم في الدُّنيا.
وقال مقاتل رحمه اللَّه: الصادقون: النَّبيُّون يَنفعُهم صدقُهم، وكان عيسى صادقًا في الدَّنيا فيما قال، فيَنفعُه ذلك، فكذلك يَنفعُ النَّبيِّين فيما شَهِدوا به على أممِهم يومئذٍ (٢).
وقال الكلبيُّ: أي: يَنفعُ المؤمنين إيمانُهم، والصَّادقون مِن أسماءِ المؤمنين، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحجرات: ١٥، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
وقيل: الصادقون: هم الموفُّون بالعقودِ التي أمرَ اللَّهُ تعالى بها في أوَّل هذه السورة.
وقوله تعالى: {لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}؛ أي: رضي اللَّه عنهم (٣) بالسَّعي المشكور، {وَرَضُوا عَنْهُ}؛ أي: بالجزاءِ الموفور.
وقيل: أي: بتوفيقِه إيَّاهم على السَّعي المشكور.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فإنَّه في الآخرة، وهو باقٍ، والفوزُ في الدُّنيا غيرُ باقٍ.
* * *
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٥٠)، و"التيسير" (ص: ١٠١).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٢٢).
(٣) قوله: "رضي اللَّه عنهم" من (ف).