(٤ - ٥) - {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} {مِنْ} في الأولى لتأكيد النَّفي وتعميمِ المذكور، وفي الثَّانية للتَّبعيض.
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: يَحتمِل من آياتِ توحيدِ اللَّه تعالى (١)، وآياتِ إثباتِ رسالةِ محمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام، ويَحتمل آياتِ إثبات البَعث بعد الموتِ، بما أخبرَ أنَّه خلقَهم مِن طينٍ، فإذا ماتوا صاروا تُرابًا، فإذا كان إنشاؤهم مِن ترابٍ، يجوزُ إعادتُهم مِن تراب.
قال: ويحتملُ آيات القرآن (٢)، ويحتمل المعجزات.
وقوله تعالى: {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ}؛ أي: مُنصرِفين بقلوبِهم عن تأمُّلها، فلا يَنتفعون بها، وإنَّما يَنتفِعُ بها مَن تأمَّلها ونظرَ فيها.
وسورةُ الأنعام نَزلَتْ في محاجَّةِ المشركين؛ في إثبات الصَّانعِ وتوحيدِه، وإثباتِ البعثِ بعد الموتِ، ولو لم يكنْ له معجزةٌ أخرى، لكان القرآنُ معجزةً؛ حيث عجزَ الكلُّ عن الإتيانِ بمثله.
وفيه دليلُ وجوبِ محاجَّةِ منكري التَّوحيد، وإلزامِهم بالحجَّة.
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: {مِنْ آيَةٍ} هي انشقاقُ القمر، وكان بمكَّة (٣).
(١) في (ف): "الآيات التوحيد للَّه" بدل: "آيات توحيد اللَّه".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٧).
(٣) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ١٦).