داعٍ في الدُّنيا إلى التَّوبةِ، وتركِ المعصيةِ، وفعلِ الطَّاعة، وهو من الرَّحمة (١).
وقيل: أي: من رحمتِه تأخيرُ العذابِ عنهم إلى يومِ القيامة، وهذا من رحمتِه في حقِّ هذه الأمَّةِ؛ فإنَّ الأممَ الخالية عُذِّبوا كما كذَّبوا.
وقوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} هذا قسَم، وقولُه: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} قيل: {إِلَى} زائدة.
وقيل: هي في معنى "في".
وقيل: هي بمعنى اللَّام.
وقيل: أي: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} في القبورِ إلى يوم القيامة، وهي للغاية.
وقيل: أي: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} في الدُّنيا؛ بإلحاق المتأخِّرين بالمتقدِّمين، إلى أنْ يَجمعهُم يومَ القيامة.
وقوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ}؛ أي: لا شكَّ في الجمعِ، وله وجوهٌ ذكرناها في أوَّلِ سورة البقرة.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} الخسرانُ: ذهابُ رأسِ المال؛ أي: مَنْ فاتتهُ نفسُه وهلكَتْ في الحقيقة، فهو الذي لا يُؤمِن.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} سائِلهم: هل في الدِّيارِ دَيَّار، وهل للكون في التَّحقيق بعد الحقِّ مقدار، فإنْ بَقُوا على جوابٍ يَشفي، فقل: اللَّهُ في الرُّبوبيَّة يَكفي.
وقال في قوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}؛ أي: أخبرَ وحكمَ وأراد كما
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٠)، وقول الحسن السابق فيه.