والعرضَ، ثمَّ انظروا، هل انفلت مِن حكمنا أحدٌ؟ وهل وُجدَ من أمرنا ملتحدٌ؟ (١)
* * *
(١٢) - {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ}؛ أي: قل للمكذِّبينَ والمستهزئين: لمَن مُلكُ ما في السَّماوات والأرض، وكانوا مُقِرِّين بأنَّ اللَّهَ جلَّ جلالُه هو الخالقُ والمالك، فليس لهم أنْ يَجعلوا مع اللَّهِ مِن خلقِه ومُلكِه شريكًا، وكذا إذا كان ذلك كلُّه له، فهو قادرٌ على أنْ يُعاجِلَهُم بالعذاب، واتِّصالُ هذا بالأوَّل مِن هذين الوجهين.
وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ}؛ أي: إن لم يقولوا هم: إنَّه للَّه، فقل أنت: إنَّه للَّه.
وقوله تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أصلُه: أوجب، ولكن لا يَجوزُ الإجراءُ على ظاهرِه؛ فإنَّ العبدَ لا يَجِبُ له على اللَّه شيءٌ، لكنَّ سبيلَهُ سبيلُ ما ذُكر بكلمةِ {عَلَى} من قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هود: ٦، {عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الروم: ٤٧، والمرادُ به: أنَّه وَعَدَ ذلك وعدًا مؤكدًا، وهو منْجِزُهُ لا محالة.
وقال الحسنُ: حكمَ على نفسِه بالرَّحمة للتَّوابين أنْ يُدخِلَهم الجنَّةَ؛ فإنَّما يَدخلونَها برحمتِهِ، لا باستحقاقِهم.
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي (٢): جعلَ لهمُ الجمعَ يوم القيامة، وفيه إثابةُ المطيعين، وتعذيبُ العاصين، وذاك
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٦٣).
(٢) في (ر): "أي".