وقال مقاتل (١): فدار بهم، وكانوا يَستهزؤون بوعيدِ العذاب فنزلَ بهم ذلك (٢).
وفيه تسليةُ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أنَّه ليس هو المخصوص (٣) به، فإنَّ سائرَ الأنبياء فُعِلَ بهم كذلك، وفيه وعدٌ له بنصرتِه وإهلاكِ عدوِّه.
وقوله تعالى: {سَخِرُوا مِنْهُم} قيل: أي: مِن الأنبياء، تعديةً لفعلِ السُّخرية.
وقيل: أي: مِن الأُمم، فإنَّ مِنهم مَنْ لم يَسخر، فهذا وعيدٌ لمن سَخِرَ مِنهم على الخصوص.
* * *
(١١) - {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: سافِروا، فاعتبِروا بخرابِ بُلدانِهم (٤)، وزوالِ سلطانِهم؛ بتكذيبِهم أنبياءَهم، وهو كقوله تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} الحجر: ٧٩، {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} الصافات: ١٣٧ - ١٣٨.
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: أراهم آياتٍ سمعيَّةً وعقليَّةً، فلم يَنفعهُم ذلك، فأمرَهُم بالنَّظر في الآياتِ الحسِّيَّة (٥).
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: يقول: دوخوا الأرضَ، وامسحوا الطُّولَ منها
(١) قوله: "وقال مقاتل": ليس في (أ).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٥٠).
(٣) في (أ): "مخصوص". وفي (ر): "بمخصوص".
(٤) هو في "تفسير أبي الليث" (١/ ٤٧٥)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ١٣٦) دون نسبة.
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٩).