وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ}؛ أي: لما يقولونه، {الْعَلِيمُ} بما يفعلونَه.
وقال الكلبيُّ: إنَّ كفَّارَ مكَّةَ أتوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: يا محمَّد، إنَّا قد علِمنا أنَّه ما يَحمِلُك على هذا الذي تَدعونا إليه إلَّا الحاجة، فنحنُ نَجمعُ لك مِن أموالنا ما يُغنيك، حتَّى تكونَ مِن أغنانا، فنزل قوله تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}؛ أي: ما استقرَّ في الليل والنَّهار مِن خلقٍ (١).
وقال (٢): {السَّمِيعُ} لمقالةِ قريش، {الْعَلِيمُ} من حيث يرزقهم.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمَه اللَّه: أي: الحادثاتُ للَّه ملكًا، وباللَّه ظهورًا، ومِن اللَّه بَدءًا، وإلى اللَّه رجوعًا، {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأنينِ المشتاقين، {الْعَلِيمُ} بحنين الواجدين (٣).
* * *
(١٤) - {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا} استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ؛ أي: قل يا محمَّدُ للمشركين: أيجوزُ أنْ يُظَنَّ بي أنْ أتَّخِذَ غيرَ اللَّه متولِّيًا لي (٤) بالحفظِ والكفايةِ والنُّصرة، كما فعلتُم أنتم، فاتَّخذتُم مِن دون اللَّه أولياءَ، فيَحتمِلُ أنَّهم دعوهُ إلى
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٣٧). وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٢٠٨) عن الكلبي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ): "وهو".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٦٣).
(٤) في (أ): "أي" بدل: "لي".