وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ}؛ أي: ما يكونُ لي أنْ أتولَّى غيرَ اللَّه، فقد أُمِرتُ بهذا، ومعناه: أن أكونَ أوَّلَ مَنْ خضعَ وانقادَ مِن العربِ، أو مِن أهلِ مكَّةَ، أو مِن أهل العصر، والإسلام: هو الاستسلامُ، ولا تَعلُّقَ به لمن قال: إنَّ الإيمانَ لا يَلزمُ إلَّا بالسَّماع؛ لما أوَّلنا.
وقوله تعالى: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} إنَّما صَلَح عطفُ النَّهيِ على الإخبار؛ لأنَّ تقديرَهُ: إنِّي قيل لي: أَسْلِم، ولا تَكوننَّ (١) مِن المشركين، وقد ذكرنا معنى النَّهي عن الشِّرك في حقِّه في مواضع.
* * *
(١٥) - {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
وقوله تعالى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: قل يا محمَّدُ لأهلِ مكَّة: إنِّي أعلمُ إنْ عصيتُ ربي فعَبدتُ غيرَه عذابَ يومِ القيامة (٢). ووصفَهُ بالعظيم؛ لأنَّ فيه الأمورَ العظام.
* * *
(١٦) - {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}.
وقوله تعالى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} قرأ حمزةُ والكسائيُّ وخلف (٣) وعاصمٌ في رواية أبي بكر وحمَّاد وسهل ويعقوب (٤): {يَصْرِف} بفتح الياء (٥)؛ أي: مَنْ يَصْرِف اللَّهُ عنه العذابَ يومئذٍ.
(١) في (أ): "تكن".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٧).
(٣) قوله: "وخلف" من (ف).
(٤) قوله: "وحماد وسهل ويعقوب" من (ف).
(٥) انظر: "السبعة" (ص: ٢٥٤)، و"التيسير" (ص: ١٠١)، و"جامع البيان" للداني (ص: ٤٨٨)، =