الحكمِ والأمر، فالبعثُ يَجمعُهم، لكنَّ الحكمَ يُفرِّقُهم (١)، قال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} الشورى: ٧.
* * *
(٢٣) - {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} قرأ حمزةُ والكسائيُّ: {يَكن} بياء التذكير {فتنتَهم} بالنَّصب، وهو خبرُ كان، والاسم قولُه: {إِلَّا أَنْ قَالُوا}؛ لأن {أَنْ} مع الفعل مصدرٌ، وتقديرُه: إلا قولُهم، بالرفع.
وقرأ نافعٌ وعاصم في رواية أبي بكرٍ وأبو عمرو بتاءِ التَّأنيث، و {فتنتَهم} بالنَّصب، وعلى هذا يكونُ تقديرُه: إلَّا مقالتُهم بالرَّفع فيكونُ اسمًا و {فتنتَهم} خبرًا.
وقرأ ابنُ كثيرٍ في رواية شبل (٢) وابنُ عامر وحفصٌ عن عاصم: {يكن} بياء التَّذكير (٣) و {فِتْنَتُهُمْ} بالرَّفعِ (٤)، وهو اسمٌ، والتَّذكيرُ لتَقدُّم الفعلِ عليه، ولأنَّ تأنيثَها غيرُ حقيقيٍّ، ولأنَّه مصدرٌ بمعنى الفِتن.
وقوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا} قرأ حمزةُ والكسائيُّ وخلف (٥): {ربَّنا} بالنَّصب على النِّداء؛ أي: يا ربَّنا، والباقون {رَبِّنَا} بالكسر (٦)، نعتًا لقوله: {وَاللَّهِ}.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٦٥).
(٢) وهي الرواية المتواترة عن ابن كثير.
(٣) كذا قال، وهو وهم، والصواب أن قراءة ابن كثير وابن عامر وحفص: {تَكُن} بالتاء.
(٤) انظر: "السبعة" (ص: ٢٥٤ - ٢٥٥)، و"التيسير" (ص: ١٠١ - ١٠٢).
(٥) قوله: "وخلف" من (ف).
(٦) "بالكسر": زيادة من (أ). وانظر القراءة في "السبعة" (ص: ٢٥٥)، و"التيسير" (ص: ١٠٢)، و"النشر" (٢/ ٢٥٧).