واللَّه لن يَصِلوا إليك بجمعِهم... حتَّى أوسَّدَ في التُّرابِ دَفينَا
فاصْدَع بأمرِكَ ماعليكَ غضاضَةٌ... وابْشِرْ وقَرَّ بذاكَ منْكَ عيونَا
فنزلَتْ فيه هذه آيةُ (١).
وقوله تعالى: {وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}؛ أي: وما يُورِدونَ مواردَ العذابِ إلَّا أنفسَهم.
وقوله تعالى: {وَمَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: وما يَنتفعون بعلمِهم.
وقيل: وما يَعلمون ما عليهم مِن العذابِ في الآخرة، وهو نفيُ العلمِ بقَدْرِ ذلك، وهو إعظامٌ له (٢).
* * *
(٢٧) - {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}؛ أي: حُبِسوا، وهو متعدٍّ؛ وقفتُه وقفًا.
قال الأصمعيُّ: قال أبو عمرو: ما سمعتُ أحدًا من العرب يقول: أوْقَفْتُ الشَّيءَ؛ بالألف، إلا أنِّي لو رأيتُ رجلًا بمكانٍ، فقلت له: ما أوقفك هاهنا؟ لرأيته حسنًا (٣)؛ أي: ما عرَّضك للوقوف.
وقوله تعالى: {فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قرأ ابنُ عامر (٤) وحمزةُ وعاصمٌ في رواية حفص: {وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ} بالنَّصبِ فيهما على
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٥٦)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ١٤١ - ١٤٢)، والأبيات في "ديوان أبي طالب" (ص: ٩١).
(٢) في (أ): "لهم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٠٧)، وانظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٩/ ٣٣٣).
(٤) قرأ أبن عامر بالرفع في (نكذب) والنصب في (نكون) كما سيأتي. انظر: "البدور الزاهرة" (ص ١٠١).