(٢٨) - {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
وقوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} {بَلْ} ردٌّ للأوَّل، ومعناه: ليس ما يتمنَّونه مِن الرَّجعةِ رغبةً في الإيمان، لكن أظهرَ اللَّهُ أعمالَهم السيِّئةَ على رؤوسِ الأشهادِ يومَ القيامة، ففضحَهم، كما قال: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} الزمر: ٤٨.
وقيل: {مَا كَانُوا يُخْفُونَ} هذا من أهل النِّفاقِ، وقد سبقَ ذِكرُهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}.
وقيل: أي بدا للأتباعِ ما كان الرؤساءُ يُخفونَ مِنهم؛ مِن صدقِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومِن حقيَّةِ (١) البعثِ يوم القيامة.
وقيل: هو إخفاء الضَّمائر، قال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} الطارق: ٩، وقال: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} العاديات: ١٠.
وقيل: ظهرَ لهم عقابُ ما كانوا يُخفونَهُ مِن سيِّئاتِ أعمالِهم، كقوله تعالى: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} التوبة: ٣٥؛ أي: عقابُ ما كَنزتُم.
وقيل: كان مِن المشركين مَنْ إذا خوَّفهُ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العذابَ بكفرِه، دخلَهُ خوفٌ على سبيلِ الشَّكِّ، فيُخفيه ولا يُبديه، فيَبدو له ذلك في القيامة.
وقيل: {بَدَا لَهُمْ}؛ أي: لمشركي العرب ما كان أهلُ الكتاب يُخفونَه عنهم مِن قبل، وقد سبق ذِكرُهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ}.
قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}؛ أي: ولو رُدُّوا إلى الدُّنيا لرجَعوا إلى ما نُهوا عنه مِن الشِّرك.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}؛ أي: في قولهم: {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
(١) في (ر): "حقيقة".