وقال أبو روق: إذا قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وختمَ اللَّهُ على أفواهِهم، وأنطقَ جوارحَهم، فشَهِدَت بما كتموا، فذلك قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} (١).
وروى مكحولٌ عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أنَّه قال: يَعتذرُ اللَّهُ إلى آدمَ ثلاثةَ معاذير؛ أي: يلاطِفُه ثلاثَ ملاطفات:
أولاهنَّ أنْ يقول: يا آدم، لولا أنِّي لعنتُ الكذَّابين، وأبغض الخُلْفَ والكذِبَ، لرحمتُ ذُرِّيَّتكَ اليوم من شِدَّةِ ما أعددتُ لهم، ولكن حقَّ القولُ منِّي لمن كذَّب رسلي، وعصى أمري، أنْ أملأَ جهنَّم منهم أجمعين.
ويا آدم، إنِّي لا أُدخِلُ النَّار إلَّا مَنْ عَلِمتُ أنِّي لو رددتُه إلى (٢) الدُّنيا لم يَتُب ولم يُراجِع عمَّا نهيتُه عنه، ثم قرأ: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
ويا آدم، كن أنتَ اليومَ بيني وبين ذُرِّيَّتِك، فقُم عند الميزان، فانظُر إلى ما رُفِعَ إليَّ مِن أعمالِهم، فمن زادَتْ حسناتُه على سيِّئاتِه مثقالَ حبَّةٍ مِن خردلٍ، فأدْخِلهُ الجنَّةَ؛ لتعلمَ أنِّي لا أُدخِلُ النَّار إلَّا كلَّ ظالمٍ، ومَن هو أهلٌ لها (٣).
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: تَعلَّقت الخوارجُ بظاهرِ هذه الآية: {وَإِنَّهُمْ
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٢/ ٦١) (طبعة دار التفسير).
(٢) بعدها في (ف): "دار".
(٣) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٩٢٦)، والطبراني في "المعجم الصغير" (٨٥٥ - الروض الداني)، والواحدي في "الوسيط" (٣/ ٤٥١ - ٤٥٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٧/ ٤٥٣ - ٤٥٤) من طريق الفضل بن عيسى الرقاشي عن الحسن عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. والفضل كذاب.