للبهائمِ بعضِها من بعض، ثمَّ يُقال لها: كوني ترابًا، فعند ذلك يقول الكافر: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} النبأ: ٤٠ (١).
قال: وقيل: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}؛ أي: يفقهُ بعضُها مِن بعض كما يَفقهُ بعضُكم مِن بعض.
قال: وقيل: {أَمْثَالُكُمْ} في معرفةِ ما يُؤتى وما يُتَّقى.
ويَحتمل: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في الكثرةِ والعددِ والخَلْقِ والصُّنوفِ، تُعرَفُ بالأسامي كما تعرفون أنتم، وهذا قولُ مجاهدٍ رحمه اللَّه (٢).
وقيل: {أَمْثَالُكُمْ} (٣)؛ أي: مسخَّرةً لكم، وليس يكون مِنهم ما يكونُ مِنكم، مِن العنادِ، وتكذيبِ الرُّسلِ، والخروجِ عليهم.
قال: ويحتمل {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في معرفةِ وحدانيَّةِ اللَّهِ تعالى وألوهيَّتِه، وفي حقَّ الطَّاعة له، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الإسراء: ٤٤ (٤)، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وعطاء (٥).
وقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما:
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٧٨٦)، والطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٣٥ - ٢٣٦)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢٨٦) (٧٢٦٢)، والحاكم في "المستدرك" (٣٢٣١). وروى مسلم في "صحيحه" (٢٥٨٢) نحوه عن أبي هريرة مرفوعًا، ونصه: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء، من الشاة القرناء".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٣٣)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢٨٥) (٧٢٥٦).
(٣) بعدها في (ف): "أي في الوجود".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٧٩ - ٨٠).
(٥) ذكر الواحدي في "البسيط" (٨/ ١١٢) نحوه من رواية عطاء عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.