وكما قيل:
قد تركناكَ والذينَ تُرِيدُ... فعَسى أنْ تَملَّهم وتَعودُ
فإذا جرَّبتَ الكُلَّ، وذُقتَ الحلوَ والمُرَّ، أفضى بك الضُّرُّ إلى بابِه، فإذا رجعْتَ بنعتِ الانكسار، وشواهدِ الاضطرار، فإنَّه يَفعلُ ما يُريدُ، إنْ شاءَ أباح (١) اليُسر، وأزاحَ العسرَ، وإنْ شاءَ ضاعفَ الضُّرَّ، وأدامَ المرَّ، فله الخَلقُ والأمر (٢).
* * *
(٤٢) - {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}؛ أي: أرسلنا إليهم رُسُلًا، فخالفوهم، وصحَّ الحذفُ لوضوح المراد.
{فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} قال الحسن رحمه اللَّه: أي: بالفقرِ والمرض (٣).
وقيل: {بِالْبَأْسَاءِ}: شدَّة (٤) البطشِ، {وَالضَّرَّاءِ}: الأوجاع.
وقيل: الجوع والقحط.
فعلنا بهم ذلك ليَتضرَّعوا، وهو لطفٌ في الدُّعاء إليه، و"لعلَّ" كلمةُ ترجٍّ، ومعناه: كان الأنبياءُ صلوات اللَّه عليهم يَترجَّون منهم ذلك.
* * *
(١) في "لطائف الإشارات": "أتاح".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٧١).
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٨٨، ١٢٨٩) (٧٢٧٤)، (٧٢٧٩) غير أنه فسر البأساء بالبلاء.
(٤) بعدها في (ف): "المرض و".