(٤٣) - {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}؛ أي: فهلَّا تذلَّلوا {إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا}؛ أي: بلاؤنا وشدَّةُ الأمر منا.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ أي: غَلُظَت، فلم تركن (١) للاتِّعاظ بسبب إصرارِهم على سوء اختيارهم.
وقيل: ما جفَّتِ العيونُ إلَّا بقسوةِ القلوب، ولا قسَتِ القلوبُ إلَّا بكثرةِ الذُّنوب.
وقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: حسَّن إليهم أعمالَهم، فلم يَتوبوا عنها، فقد ذكرَ هاهنا أنَّهم لم يَتضرَّعوا، وقال قبلَه: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}، وقال في آيات: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} يونس: ٢٢ ولا اختلافَ بينهما؛ لأنَّ تضرُّعَهم كان عند إحاطةِ البلاء بهم، كما قال: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} يونس: ٢٢، وكانوا يضطرُّون إلى مثل هذا التَّضرُّع، فأمَّا عند نزولِ القحط والغلاء، والمرض والبلاء، فكانوا يقولون: هذا أمرٌ معتادٌ بين العباد، قال تعالى: {وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ} الأعراف: ٩٥، فليس هذا ببلاءٍ نزلَ لأجلِ ذنبٍ، وليس علينا فيه مِنْ عَتَب.
* * *
(٤٤) - {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ}؛ أي: لم يتَّعِظوا بما وعِظوا، ولم يتضرَّعوا وقد امتُحِنوا.
(١) في (أ) و (ر): "تكن"، ولعها محرفة عن: "تلن".