قال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: يَعبدون (١) ربَّهم بالصَّلاة المكتوبة، وكذا قال الحسن وقتادة ومجاهد والضحاك (٢).
وقال إبراهيم النَّخعيُّ: هو الذكر (٣).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} يُشبِهُ أنْ يكونوا مجتمعِين إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في كلِّ غداةٍ وعشيٍّ، فيستمعونَ منه، ثمَّ يتفرَّقون كما هو المعتادُ مِن الاجتماعِ عند الفقهاءِ.
ويَحتملُ أنْ يكونَ المرادُ به الليلَ والنَّهارَ، كما في قوله تعالى: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} الضحى: ١ - ٢.
وجائزٌ أن يكونوا أصحابَ مكاسِبَ، يَجتمعون عنده بالغداةِ والعشِيِّ، ثمَّ يَتفرَّقون للكسبِ.
وجائزٌ أن يكون المرادُ به صلاةَ الغداةِ والعشيِّ؛ فإنَّه لا يَشهدُهما إلَّا أهلُ الإيمان، فأمَّا أهلُ النِّفاقِ (٤)، فكانوا يَشهدون غيرَهما مِن الصَّلوات (٥).
وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}؛ أي: يَطلبون بدعائِهم وذِكْرِهم وصلاتِهم وعبادتِهم رضاهُ.
(١) في (ف): "يدعون".
(٢) روى أقوالهم الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٦٣ - ٢٦٥).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٦٧ - ٢٦٨).
(٤) يشير إلى ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٥٧)، ومسلم في "صحيحه" (٦٥١) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٩٢ - ٩٣).