مَفتَح بفتح الميم، وهي الخزانةُ التي فيها المال، تُفتَح وتُغلق.
ويتَّصِلُ هذا بالآية الأولى: ليس عندي علمُ وقتِ العذاب، وعند اللَّه {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}؛ أي: عند اللَّه الأشياءُ التي يُفتَح بها المنغلِقُ مِن الأمور التي يَغيبُ علمُها عن الخلق.
وقيل: أي: هو العالِمُ بكلِّ شيءٍ مِن مبتدئِه إلى منتهاه.
قوله تعالى: {لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} لا يَعلمُ الأشياءَ على حقائقها جملةً وتفصيلًا {إِلَّا هُوَ}.
وقال عطاء: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}: ما غابَ عنكم مِن الثَّواب والعقاب، وما يَصيرُ إليه أمري وأمرُكم (١).
وروى ابنُ عمر رضي اللَّه عنهما عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "مفاتحُ الغيب خمسة لا يَعلمها إلا اللَّه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآية (٢).
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} والعبادُ يَعلمون أنَّ في البحرِ ماءً وحيتانًا، وفي البرِّ رملًا وحصًى وأشجارًا وأوراقًا وأغصانًا، واللَّهُ يعلم مقاديرَها، وظواهرَها وبواطنَها، وما أودعَ فيها.
وقوله تعالى {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} قال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: ما مِن شجرةٍ في برٍّ ولا بحرٍ إلَّا بها ملكٌ موكَّلٌ يَكتبُ ما يَسقطُ من ورقِها (٣).
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٥٤).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" (٤٦٢٧).
(٣) رواه سعيد بن منصور (٨٨١ - تفسير)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٠٤) (٧٣٦٩).