النُّجوم، وبالعلمِ بأمرِها أخبروا نمرودَ بولادةِ مَن يَهلِكُ على يديه هو ويزولُ ملكه، ولذلك قال: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ} الصافات: ٨٨؛ أي: في مقايسِها وعلمِها، لا أنَّه نظرَ إليها. قال: وإلى هذا ذهب القتبيُّ (١).
ثمَّ ذكرَ وجوهًا لذلك، ونحن نذكرُ بعضَها وبعضَ ما ذكرَ غيرُه مِن الأقاويل الصَّحيحة فيها إن شاء اللَّه تعالى.
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} يقال: جنَّهُ اللَّيلُ، وجنَّ عليه، وأجنَّه، وأجنَّ عليه؛ أي: ستره.
وقيل: جنَّه؛ أي: سَتَرهُ، وجنَّ عليه؛ أي: أظلمَ عليه، قال الهذلي:
وماءٍ وَردتُ قُبيلَ الكَرى... وقد جنَّهُ السَّدفُ الأدهَمُ (٢)
ومنه اشتقاق الجَنَّة والجُنَّة والجِنَّة، والجِنان، والجنين، والجنون، والجَنن.
قوله: {رَأَى كَوْكَبًا} قيل: الزُّهرة، وقيل: المشتري.
قوله: {قَالَ هَذَا رَبِّي} قيل: في أوَّله ألفُ الاستفهام، وهو بمعنى الإنكار، وحَذْفُ ألفِ الاستفهام في كلام العربِ سائغ، قال الشاعر:
رفوني وقالوا يا خُويلِدُ لا ترع... فقلتُ وأنكرتُ الوجوهَ هُمُ هُمُ (٣)
(١) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣٣٧ - ٣٣٨)، وانظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٣٦ - ١٣٨).
(٢) هو للبُريق بن عياض الخُناعي أو لعامر بن سدوس. انظر: "شرح أشعار الهذليين" (٢/ ٧٥٢، ٨٣١)، وفيه: "الصباح" بدل: "الكرى"، وهو بمثل رواية المصنف في "تفسير الطبري" (٩/ ٣٥٥). والسدف: السواد في آخر الليل.
(٣) البيت لأبي خراش الهذلي. انظر: "شرح أشعار الهذليين" (٣/ ١٢١٧). قال شارحه: رفوني: أي: سكنوني.