وقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} هذا مبتدأ، واختُلِف في أنَّه ممَّن، قال ابنُ زيدٍ وابنُ إسحاق: هو مِن اللَّهِ على فصلِ القضاء بذلك بينَ إبراهيمَ وبين قومِه (١).
وقال ابنُ جريجٍ رحمَه اللَّه: هذا جوابُ قومِه لمَّا سألَهم: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ}، فقالوا هذا (٢).
وقال الزجاج رحمه اللَّه: وهو جواب إبراهيم كما يسأل العالم ويجيب بنفسه (٣).
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه أنَّه قال: لمَّا نزلت هذه الآيةُ قالوا: يا رسولَ اللَّه، وأيُّنا لم يَظلم؟! فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما هو كقوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان: ١٣ " (٤).
ورويَ أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عن هذه الآية، فلم يُجِبهم، حتى جاء رجلٌ فأسلمَ، فلم يَلبث قليلًا حتَّى جاهدَ فاستشهد، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا مِنهم" (٥).
وعن أبي بكرٍ الصِّديقِ رضي اللَّه عنه: أنَّه كان يُفسِّرهُ بالشِّرك (٦).
وعن عمرَ رضي اللَّه عنه: أنَّه كان يُفسِّره بالذَّنب.
والظُّلمُ يَقعُ على ذلك كلِّه، فعلى تفسيرِ الصِّدِّيق معناه: أولئكَ لهم الأمنُ
(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٦٨ - ٣٦٩).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٦٩)
(٣) لم أقف عليه في "معاني القرآن" للزجاج، وذكره الواحدي في "البسيط" (٨/ ٢٥٤) من قول ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٤) رواه البخاري في "صحيحه" (٦٩٣٧)، ومسلم في "صحيحه" (١٢٤).
(٥) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٨٨٥ - تفسير) عن إبراهيم التيمي، وهو مرسل.
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٧٢).