من العذابِ المؤبَّدِ، وعلى تفسير الفاروق معناه: أولئك لهم الأمنُ مِن بعد العذابِ المؤقَّت.
وقال الحسنُ والكلبيُّ: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} في الآخرة، {وَهُمْ مُهْتَدُونَ} في الدُّنيا.
وقال أبو روق: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} مِن العذاب، {وَهُمْ مُهْتَدُونَ} إلى الحُجَّة.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: الذين أشاروا إلى اللَّه، ثمَّ لم يَرجِعوا إلى غير اللَّه؛ فإنَّ مَن قال: اللَّه، ثمَّ رجعَ بالتَّفضيلِ عند حاجاته أو مطالباتِه أو شيءٍ مِن حالاته إلى غير اللَّه، فخصمُهُ في الدُّنيا والعُقبى هو اللَّه.
والظُّلمُ في التَّحقيق: وضعُ الشَّيء في غيرِ موضعِه، وأصعبُه حسبان الحدثان ممَّا لم يَكُن فكان، فإنَّ المُنْشِئ هو اللَّهُ عزَّ وجلَّ، والمجري اللَّه، ولا إله إلَّا اللَّه، وسقطَ (١) ما سوى اللَّه (٢).
* * *
(٨٣) - {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}؛ أي: وتلك الحُجَّةُ التي حاجَّ بها إبراهيمُ قومه حجَّتُنا {آتَيْنَاهَا}؛ أي: أرشدناهُ إليها، ووفَّقناهُ للوقوف عليها، وقد ذكرَ في سورةٍ أُخرى ما حاجَّ به قومَه حين كسر أصنامَهم (٣)، وفي سورةٍ
(١) في (ر): "وأسقط".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٨٦).
(٣) في سورة الأنبياء الآيات: (٥١ - ٦٧).