أُخرى ما قال للنُّمرود -لعنه اللَّه- حين قال: أنا أحيي وأميت (١)، فيجوزُ أنْ يكون اسمُ الحجَّة شاملًا هذا كلَّه.
وقوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} قرأ عاصمٌ والكسائيُّ وحمزةُ وخلف ويعقوب (٢) بالتنوين، وهي مفعولُ {نَرْفَعُ}، و {مَنْ} مفعول ثان هاهنا، وقرأ الباقون بغير تنوينٍ على الإضافة وإفرادِ المفعول (٣)، ومعناه: {نَرْفَعُ} مراتبَ {مَنْ نَشَاءُ} من عبادنا، فنؤتيه النُّبوَّة والملكَ والإمامة في الدِّين.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}؛ أي: إنَّه يَضعُ الأشياءَ مواضعَ استحقاقِها، ومِن الحكمةِ إرسالُ الرُّسل، وتخصيصُ النَّبيِّين بالرِّسالة، وتأييدُ الرُّسلِ بالمعجزات، وهو أعلمُ حيث يَجعلُ رسالاته.
* * *
(٨٤) - {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَنَ}؛ أي: رزقناهُ جزاءً على نصرةِ الدِّينِ ومحاجَّةِ المشركين إسحاقَ ولدًا، ويعقوبَ نافلةً.
وقوله تعالى: {كُلًّا هَدَيْنَا}؛ أي: هدينا كلَّ واحدٍ مِنهم للحقِّ، ومِن أجلِّ الكرامةِ، وأتمِّ السرورِ: أنْ يكونَ للمرء بعد وفاتِه ولدٌ صالحٌ، خصوصًا إذا كانوا أئمَّةً في الدِّين، فكيف وهم أنبياء؟
(١) في سورة البقرة الآية: (٢٥٨).
(٢) قوله: "وخلف ويعقوب" من (ف).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٦٢)، و"التيسير" (ص: ١٠٤)، و"النشر" (٢/ ٢٦٠).