وقيل: أي: طوامير (١).
وقال عبدُ العزيز بن يحيى: {قَرَاطِيسَ}؛ أي: كتبًا متفرِّقة، وذلك ضربٌ مِن الاستخفاف والتَّهاون، ولذلك نُهي أنْ يصغَّر المصحف (٢).
{ويخفون كثيرًا} عن العامَّة ما فيه نعتُ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإسلام، ويبدون صحفًا قد عزلوها عن الجملة في مدحِ بني إسرائيل، وتثبيتِ دين موسى عليه السَّلام، وتأكيدِ أمرهِ، ونحو هذا.
وقيل: يُبدون قراءةَ بعضها، ويُخفون قراءةَ بعضها، وهي في أحكامٍ لا يَرضون بها، كالرَّجمِ والقِصاص ونحوهما ممَّا ذكرنا.
وقوله تعالى: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} قال مجاهدٌ: هو خطابٌ للمسلمين مِن هذه الأمَّة (٣).
وقال الحسنُ: هو خطابٌ للعرب الكفَّار؛ أي: عُلِّمتُم بهذا القرآنِ ما لم تَعلموا أنتم، ولا عَلِمَهُ آباؤكم مِن أخبارِ ما يكون وما كان، ومِن الاحتجاجِ على الكلِّ، ولا يجوزُ أن يعلمَهُ محمَّدٌ إلَّا بوحيٍ، فمن أين جاء إنْ كان اللَّهُ لم يُنزِل على بَشرٍ مِن شيء؟
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ}؛ يعني: إذا قلت: مَن أنزلَ الكتابَ؟ فلم يجيبوا، فقل أنت: اللَّهُ أنزلَهُ، وقيل: أي: هو اللَّه، وقيل: أي: اللَّهُ الحكمُ بيننا؛ بإضمارٍ قبلَه أو بعده، والأصحُّ هو الأوَّلُ؛ فإنَّه تامٌّ بغيرِ إضمار.
(١) جمع طامور أو طومار، وهو الصحيفة. انظر: "القاموس المحيط" (مادة: طمر).
(٢) روي كراهة ذلك عن عمر وعلي، رواه عنهما أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص: ٣٩٨).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٠٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٤٣) (٧٦٠٦).