والرَّابع: أنَّ الآيةَ في المؤمنين، أخبرَ أنَّهم آمَنوا بالآخرةِ، وآمنوا بالقرآن.
والخامس: أنَّ معناه: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} يَحِقُّ لهم أنْ يُؤمِنوا بالقرآن؛ لأنَّه به يَتزوَّدُ إلى الآخرة (١).
وقال غيره: إنَّ أهلَ الكتاب وإنْ آمنوا بالبعثِ، ولكن لا يعتدُّ (٢) بإيمانهم؛ لأنَّ إيمانَهم بالآخرة للجزاءِ بالثَّواب والعقاب يَدعوهم إلى الإيمانِ به، والمحافظةِ على الصَّلواتِ، وسائرِ الطَّاعات.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} كتابُ الأحبابِ عزيزُ الخطرِ، جليلُ الأثرِ، فيه سلوةٌ عند غَلَباتِ الوجدِ، ومن بقي عن الوصول تذلَّل للرسول، وقيل في معناه:
وكُتبُكَ حولي لا تُفارِقُ مضجعي... وفيها شفاءٌ للذي أنا كاتمُ
كأنّي ملحوظ من الجن نظرة (٣) ... وهنَّ حواليَّ الرُّقى والتَّمائِمُ (٤)
* * *
(٩٣) - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٧٢).
(٢) في (ف): "لا يعبأ".
(٣) في (ف): "لحظة".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٨٩).